مقطع تحكي هذه القصة أنّ "جحا" زرع حقله قرعا، وظل يرعاه حتى أثمر ثمرا كثيرا، وعند جمع المحصول وجد قرعة كبيرة جدا لم يرَ أحد مثلها، فتعجب وشكر الله على نعمته، وأخذ يفكر ماذا أصنع بهذه القرعة العجيبة؟ فقال لنفسه: أقدمها هدية لحاكم بلادنا العادل تعبيرا عن حبي له. وحمل القرعة وتوجه إلى القصر، واستقبله الحاكم وأكرمه، وعندما رأى القرعة تعجب من ضخامتها وقال الحاكم لنفسه: هذه بداية خير لبلادنا، فلو أخذنا بذور هذه القرعة وزرعناها فسوف يزيد المحصول. سأل الحاكم وزيره: كيف أكافئ جحا؟ فقال الوزير: أنا أقترح أن تسأله عن حاجته وتعطيه كل ما يطلب. فقال الحاكم لجحا: اطلب ما شئت، فكل ما تطلب مجاب. فقال جحا في حياء: القرعة هدية لك، فكيف أطلب مقابلا للهدية؟ كل ما أريده بعض بذورها كي أزرعه في الموسم القادم إن شاء الله. أعجب الحاكم بجحا وسأله: كيف جئت إلى هنا؟ فأجابه: ماشيا على رجلي. قال الحاكم: كل هذه المسافة وأنت تحمل هذه القرعة الثقيلة؟ فأمر الحاكم بإعطاء جحا حمارا قويا وكيسا من الذهب. شكر جحا الحاكم ثم خرج فوضع كيس الذهب في جيبه، وركب حماره وانطلق به إلى قريته، وهو يشكر الله. وفي الطريق قابله جاره "بهلول" البخيل وسأله: من أين لك هذا الحمار القوي؟ يبدو أنه غالٍ، وأنت فقير كيف حصلت عليه؟ أخرج جحا كيس الذهب وقال له ما حدث، اندهش البخيل وقال: حمار وذهب مقابل قرعة يا للعجب. عاد بهلول إلى بيته وقال: لا بد أن أذهب للحاكم وأهدي إليه قرعا كثيرا ليعطيني حميرا وذهبا كثيرا، لا بل سأهديه بقرتي العزيزة أغلى ما أمتلكه، فذهب بهلول إلى القصر ووقف أمام الحاكم يمدحه وينافقه، ضحك الحاكم في سره وفهم مقصده وسأل الحاكم وزيره: ماذا أعطي هذا الرجل؟ فقال له: اسأله: ماذا تريد مقابل بقرتك؟ فسأله الحاكم فرد بهلول: ثلاثة أكياس من الذهب كبيرة جدا لا أستطيع حملها مرة واحدة. فهم الحاكم أن بهلول قابل جحا وحسده، فقرر أن يلقنه درسا، وقال الحاكم لبهلول: لقد جئت لتبيع بقرتك ولم تأت لتقديمها هدية. ثم قال الحاكم لوزيره: أعطه ثلاثة أكياس كبيرة وثقيلة. فهم الوزير مقصد الحاكم وأعطى لبهلول ثلاثة أكياس، فأخذها بهلول إلى بيته واحدا واحدا وهو في شدة التعب لثقلها، ولما أتم نقلها دعا جحا ليرى بعينيه، ووقف أمامه مفتخرا وهو يفتح الأكياس وكانت المفاجأة فقد كانت مملوءة بالتراب، مرض بهلول وأصبح وجهه شاحبا متقطع الأنفاس، فسأله جحا عن سبب مرضه فأجاب: بقرتي. حزن جحا وانطلق للحاكم يرجوه سماحه، ووصف له حالته فأشفق الحاكم عليه وأمر بإعطاء جحا بقرة بهلول ليعيدها له، دخل جحا على جاره وقال له: ليتك تتعلم من هذا الدرس لقد أعاد الحاكم بقرتك. فقال: إنني أدعو الله بالشفاء وليس بالبقرة يا جحا.
عنوان الكتاب
شوقي حسن


نوادر جحا
البخل
الحسد - قصص الأطفال
النفاق - قصص الأطفال