مقطع تتحدث القصة عن الفتاة (إصرار) التي تعرضت لحادث، وهي في العاشرة من عمرها مما سبّب لها عاهة مستديمة؛ فهي لا تتمكن من المشي إلا على كرسيها المتحرك، وهي تعيش في أسرة محبة جدا لها، وهي قانعة بقضاء الله وقدره، فهي فتاة قوية الإيمان. أبوها الشيخ (أحمد) محب لفعل الخير، وأمها السيدة (مريم) تحبها جداً وتسميها (ريحانتي الغالية) وأخويها (مؤيد) و(معتصم) يحبانها ولا ينامان إلا في حضنها. وقد كبرت إصرار في جو مليء بالإيمان وحب الخيرات فلم يكن غريباً عليها أن تؤسس مع صديقاتها في المدرسة فريقاً لمساعدة الأخرين وتقديم العون لهم. كانت إصرار سعيدة في بداية العام الدراسي لأنها وجدت في فصل لا تعرف فيه أحد؛ وبذلك سوف تكون فرصة لها لاكتساب صداقات جديدة. وفي الفصل دخلت عليهن فتاة تلفت الأنظار لمنظرها غير المرتب، وظلت إصرار تراقبها، وعرفت أنها لا تعرف أحداً. قررت إصرار في اليوم التالي التعرف على الفتاة الجديدة واسمها (سندس). بدأت الحصة وتأخرت سندس على الحصة وعاتبتها المعلمة وبعد أن ذهبت لدرجها وجدت رسالة كانت قد وضعتها إصرار، تقول فيها: "إنا نحبك في الله. ولك منا هذه الهدية.. افتحي الدرج". وفي وقت الفسحة فتحت الدرج وكانت سعيدة بالرسالة فوجدت ملابس جديدة وحقيبة مدرسية ودفاتر وأقلام ورسالة تطلب فيها إصرار أن تترك لها سندس كل يوم رسالة في درجها تخبرها فيها عن احتياجاتها وأنها لا تريد الكشف عن نفسها لأنها تفعل الخير وبأنه لن يعلم أحد عن أمرها شيئا. في نهاية اليوم المدرسي تركت سندس رسالة تخبر فيها أنها فتاة يتيمة توفي والدها قبل خمس سنوات وتركها هي وأمها وأخوتها الثلاثة الصغار، وهي تمر الآن بظروف صعبة، وتمنت لو تتعرف عليها لأنها تريد تكوين صداقة معها، لكن إصرار احتارت في أمرها فهي لا تحب أن تكشف عن نفسها في فعل الخير كما أوصاها والدها على ذلك والذي قرأت الرسالة على مسامعه فقد كان بعلم بقصة هذه الفتاة فهو قريب جدا من ابنته وتخبره بكل التطورات، وقد طلب منها والدها أن تختبر أمانة هذه الفتاة في الحفاظ على سرها بأنها هي فاعلة الخير في المدرسة إن كانت تريد الكشف عن نفسها لها لإقامة صداقة معها، وأخذت تفكر في طريقة لاختبارها حتى وجدتها وعرضتها على والدها. وفي اليوم التالي فعلا اختبرتها عن طريق رسالة ورأت ما فعلت سندس، فحازت على ثقتها وأقدمت على تعريفها بنفسها وأصبحتا صديقتين. وفي اليوم التالي كانت إصرار تراقب من النافذة في الفصل فهي تعتقد أنها ترى فتاة تتسلق سور المدرسة وظلت تراقبها هي وسندس لعدة أيام حتى تكشف قصتها وتساعدها إن كانت تحتاج المساعدة، وفعلا اتضح أن هذه الفتاة (نسرين) لها مسار غير سوي، وقد طلبت إصرار من العم (عبد الجواد) تصويرها هي والسيارة التي تنتظرها كل يوم لأن منزله يقع بالقرب من الباب الخلفي لمدرستهم، ولم تُرد إصرار بذلك التجسس عليها أو الإساءة لها وإنما كانت تريد تعديل مسارها وإصلاحها ولكن فكرة التصوير لم تنجح حيث أن العم عبد الجواد لم يكن يعرف كيف يصور وإن كانت قد علمته إصرار لكنه لم يجد ذلك، لكن إصرار استغلت أفضل هذه الصور في التضييق على نسرين حتى تعترف لها بقصتها وتساعدها وفعلا نجحت الخطة لكن في كل مرة كانت الفتيات يستغربن من أن إصرار تكون وراء تلك الرسائل وذلك الغموض لأنها فتاة معاقة. وفعلا استطاعت إصرار من جعل نسرين تروي لهما سر هروبها اليومي من المدرسة بمساعدة الخادمة (مستورة) وذكرت أنها من أسرة غنية جداً ولها مطلق الحرية وأن والدتها أعطتها هاتفا نقالا لكي تعرف أماكن تواجدها باستمرار فهي دائمة الخروج وتحب السهر مع صديقاتها، وفي أحد الحفلات أحست بالتعب الشديد فأعطتها السيدة (كاترين) صاحبة استيديو للصور الفوتوغرافية، وهي شخصية محبوبة من الجميع حبة منشطة، وقالت لها: إنها ستكون أكثر نشاطا بعد عشرة دقائق، وفعلا حدث ما قالته وعادت نسرين للرقص مرة أخرى وأحست بنشاط كبير هذه الليلة منعها من النوم، وبدأت تشتري هذه الحبوب بسعر غال جدا من السيدة كاترين التي قالت إنها تحضرها من الخارج ولا توجد في الصيدليات هنا، ولم تكن تعلم نسرين بأنها مخدرات، واستمر أبوها بإعطائها النقود التي تطلبها وبأرقام كبيرة، ولكنه توقف عن ذلك بعد فترة ولكثرة طلب ابنته وللمبالغ الضخمة التي تطلبها، وكانت هذه هي رغبة السيدة كاترين في أن تحتاج لها نسرين. لم تكمل نسرين حديثها وبدأت الحصص من جديد، فواعدتها إصرار على الفسحة القادمة، ولكن نسرين ذهبت للمنزل وهربت من هذا الحديث، فجمعت إصرار معلومات عنها، وحصلت على رقم هاتفها الخاص وكانت إصرار تخشى ضعف نسرين أمام السيدة كاترين وكشفها عن أمرهم فتفشل خطتها في القبض على العصابة، واتصلت بها إصرار في المساء، ولكن نسرين استاءت من هذا الاتصال فقد كانت منعدمة الثقة بالجميع مما وقعت به من شر، وقد تغيبت يومين عن المدرسة فقررت إصرار زيارتها حيث قابلتها نسرين بالجفوة في البداية وبعد مدة من الحديث وعندما تأكدت من صفاء نية إصرار وحبها لفعل الخير لوجه الله - تعالى - وابتغاءً للأجر بادلتها حديثا طيبا وواعدتها على اللقاء غدا في الفسحة وانصرفت إصرار. في فسحة اليوم التالي بادرت نسرين كل من إصرار وسندس التحية وقالت لهما: إن السيدة كاترين علمت بحضورها للمدرسة اليوم من خلال الخادمة مستورة والتي تعمل معهم كفرد من أفراد العصابة، فهي تتقاضى أجرا على ترويجها المخدرات في المدرسة، وأن السيدة كاترين سترسل لها السائق والسيارة اليوم في الموعد، فأخذت إصرار تفكر في حيلة تمنع بها نسرين من الخروج من المدرسة، وفرحت لهذا نسرين المسكينة، وكانت الحيلة بأن تصطدم إصرار بكرسيها وبسرعة كبيرة بنسرين وهي تمشي فتقع على الأرض وذلك يمنع خروجها من المدرسة نظرا لإصابتها، وحتى تكون هذه الفترة كافية لعلاج جسمها من المخدرات التي تناولتها. نجحت الخطة وكانت نسرين تربط رجلها في السيارة أثناء ذهابها للمدرسة وتسير على عكاز مع أن رجلها سليمة تماما ولكن هذا ما اقتضته الخطة وكانت أيضا قد سارت على نظام غذائي معين تضعه لها إصرار من خلال الكتب التي تقرأها من أجل ذلك حتى تطرد هذه السموم من جسمها، وهو يعتمد على الخضار والفاكهة وكانت تذهب يوميا مع صديقتها سندس للنادي الرياضي لممارسة الرياضة لتقوية جسمها وكان وجود نسرين هو ما يشجعها على المواصلة، وكانت تسير وفق البرنامج الذي تعدّه لها إصرار بالساعة وبالدقيقة وقد قل عدد الحبوب التي تتناولها من عشرة حبوب إلى حبتان عند انتهاء الأسبوع الأول من العلاج وكانت الخطة هي ألا تتناول نسرين أي حبة في الأسبوع الثاني ولكنها لم تتمكن من ذلك وخافت عليها إصرار من الانتكاسة فقررت قراراً جريئا وهو أن تنام عندها في عطلة نهاية الأسبوع، وفي هذه الفترة تتمكن من مساعدتها، ولكن نظرا لحالة إصرار الصحية فهذا يجعل الأمر صعبا فهي تحتاج لمن يساعدها دائما حتى في دخولها للحمام، فاقترحت سندس أن تنام نسرين عند إصرار، وأعجبت بالفكرة وتمت هذه الزيارة بعد إقناع والدي نسرين وزيارة والد إصرار وإخوتها لمنزل نسرين وارتياح أهلها لهم. كانت هذه الأيام الثلاثة جميلة جدا ومفعمة بالحيوية بالنسبة لنسرين؛ إذ لم تتناول خلالها أي حبة، وكانت قد وعدت إصرار بذلك، وبهذا انتهت المرحلة الأولى من العلاج، ولكن الآن إصرار يقلقها شأن العصابة والإيقاع بها.. وماذا كانت تفعل نسرين عندما تخرج من المدرسة، وعندما رأتها في أول يوم دراسي بعد العطلة الأسبوعية، وقد اشتاقت لها نسرين، ورحّبت بهم ترحيبا حارا. سألتها إصرار عن خروجها من المدرسة وماذا كانت تفعل، فذكرت لها أنها كانت تذهب للسيدة كاترين لشراء الحبوب، وفي كل مرة تعود فيها تأخذ منها الخادمة مستورة خمس حبات لتبيعها دون علم السيدة كاترين، وهكذا استطاعت هذه الخادمة الإيقاع بأربع فتيات غيرها، وكانت تجبرها في الأيام الأخيرة المتتالية على الذهاب لتحصل منها على الحبوب، وفي فترة انقطاعها انهارت أحد هذه الفتيات المدمنات، ولم تكن تستطيع الخادمة أن تضغط عليها، لكنها كانت تستغرب هي والسيدة كاترين من انقطاعها، وكانت قد وصلت إلى درجة عالية من الإدمان فقد كانت تتناول عشر حبات في اليوم في الفترة الأخيرة ولكنها كانت تتحجج للسيدة كاترين بالحبوب المنومة التي تتناولها من أجل ألم رجلها، وقد وصل الأمر بالسيدة أنها كانت تعرض عليها الحبوب مجانا فقط لأجل ألا تخسرها كمدمنة. احتفلت الصديقات بعدم تناول نسرين الحبوب لمدة أربعة أيام، وقد وضعت سندس أربع شمعات في حلوى أعدتها هي بنفسها فسعدت نسرين بذلك كثيرا. لكن إصرار كانت شاردة الذهن حزينة في هذه الليلة فقد كانت قلقة على هؤلاء الفتيات الأربع وقد شجعها والدها وأعاد لها الثقة بنفسها وبأنها ستجد الحل وستتمكن من معرفتهم وهدايتهم. وبالفعل وجدت إصرار حلا مناسبا مع صلاة الفجر، وهو أن تعود نسرين لإعطاء الخادمة الحبوب دون الذهاب للسيدة كاترين وأن تقنعها بأن لديها الكثير منها لأنها لم تتناولها في الفترة الأخيرة، ولم تكن هذه الحبوب سوى حبوبا للإسهال على أن يراقبن الثلاثة بالتوالي دورات المياه ومن تتردد عليها من الفتيات بصورة مستمرة، ولم يحدث أن تكررت الفتيات فأصبن بخيبة الأمل ولم تنجح الخطة، ولكن الغريب أن الخادمة مستورة لم توصل نسرين للسيارة في هذا اليوم كعادتها، وعندما وصلت نسرين للسيارة أتت الخادمة وهي في غاية التعب، وذكرت لنسرين أنها تعاني من حالة إسهال شديدة فلم تتمالك نسرين نفسها من الضحك، وأخبرت بعد ذلك صديقاتها اللواتي ضحكن بدورهن لهذا المقلب، وحمدن الله أنه لا توجد أربع فتيات فعلا. عزمت إصرار كشف أمر العصابة؛ فأخبرت الضابط الذي لولا ثقته بوالدها لما صدق هذه القصة، وقد رسمت خطة للإيقاع بالعصابة وأخذت رأيه فيها، وكانت الخطة أن تتصل نسرين بالسيدة كاترين وتطلب منها 300 حبة بحجة أنها ستسافر مع والدها لمدة شهر وهي تحتاج كل يوم عشر حبات، وكانت هذه الكمية الكبيرة لأجل إحكام القبض عليهم لأن المتهم إذا قبض عليه وبحوزته كمية صغيرة من الممكن له أن يفلت من الحكم، وأصرت نسرين على حضور السيدة كاترين لأنها لا تثق بأن تعطي كل المبلغ المطلوب نقدا للسائق، ولم يكن ذلك إلا تسهيلا للقبض على جميع أفراد العصابة، وتظاهرت نسرين بالوقوع من على السلم في الموعد المحدد للتسليم، وأمرت الخادمة مستورة التي كانت شديدة الحاجة للحبوب بالصعود على السلم لتسليم النقود واستلام الحبوب، وتم القبض عليهم ولكن السيدة كاترين لم تكن موجوده وقد اعترفوا عليها وعند حضورها اعترفت على نسرين، وطلبت حضورها، فكانت المسألة صعبة على والدتها عندما أخبرتها إصرار بشأن ابنتها، وذلك بعد أن ندمت نسرين على طاعتها لإصرار وكيف سارت الأمور هكذا، وخافت من فضيحتها ولكن أم نسرين تقبلت الكلام الحسن من إصرار وأسلوبها المقنع وأخلاقها العالية وطيبتها ومساعدتها لابنتها وقد شطب محامي والد نسرين اسمها من المحكمة ولم يعد لها دخل في هذه القضية. دعت أسرة نسرين عائلة إصرار إلى الغداء، فقد شعرت والدة نسرين بفضل إصرار على تقويم سلوك ابنتها وتركها للإدمان. وقد غادرت السيدة كاترين البلاد بعدما اكتشفوا جميع أعمالها السيئة التي قامت بها في البلاد وكم من الفتيات تورطن معها في الإدمان، وبعد ثلاثة أسابيع أرسلت السيدة كاترين لنسرين صورتها وهي تمشي في شوارع تل أبيب.
عنوان الكتاب
أميمة عبد العزيز العيسى


سلسلة مغامرات إصرار
الإعاقة الحركية
الاشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة
التربية الخاصة*