مقطع تتحدث القصة عن الفنان "هنري دي تولوز لوتريك "الذي ولد عام 1864م لأبوين ينتميان لأصل أرستقراطي عريق، فقد كانت أمه من سيدات المجتمع اللامعات، كما كان أبوه يحمل لقب كونت وينفق وقته في الصيد وتربيه الخيل وغير ذلك من هوايات الأثرياء. وقد التحق بمدرسة "الليسيه" في باريس ولكنه لم يستطيع الانتظام في دراسته بسبب حالته الصحية العليلة، فقد تعرض في طفولته لحادثين متتاليين عند السقوط من فوق حصانه نتجت عنه إصابة في ساقيه منعتهما عن النمو، فعاش حياته قزماً مشوها. وقد ظهرت مواهبه في سن مبكرة وكان قد درس الرسم كالأمراء على يدي مدرس خصوصي من أصدقاء والده، وعندما بلغ الثامنة عشر التحق بمدرسه الفنون الجميلة بباريس، وأظهر براعته في استخدام أسلوب "التأثيرين" في التقاط أثر الأضواء المتغيرة عند سقوطها على العناصر المختلفة في الطبيعة، وقد تعرف في ذلك الوقت على عدد من الفنانين الذين امتدحوا رسومه وساعدوه على اكتشاف حياة البوهيميين في باريس بحي "مونمارتر" وكان من بين هؤلاء الأصدقاء الفنان "فنسنت فان جوخ" حيث كانوا يترددون سوياً على ملاهي "ميرلتون" و"المولان روج".. (الطاحونة الحمراء) حتى أصبحت بمثابة المنزل بالنسبة "لتولوز لوتريك". وقد تميزت رسومه في هذه الفترة عن رسوم بقية الفنانين "التأثيرين" بما تظهره من أعماق نفسيه للشخصيات التي يرسمها. وبعد بضع سنين تخلى عن هذا الأسلوب مقترباً من أسلوب وموضوعات " ادجار ديجا "، لقد كان "تولوز لوتريك" معجبا بفن ديجا، إن ديجا " هو الذي وجه "لوتريك" إلى رسم الراقصات وكان "ديحا" يكبره بثلاثين عاما، لكن لوتريك لم يظل مقلدا لأستاذه ومثله الأعلى، الذي كان يرسم راقصات الباليه غير المعروفات وقد ظهرن في لوحاته من وجهة نظر المتفرج العابر، إنما اتجه "لوتريك" إلى رسم رواد الملاهي الليلية وهم أشخاص حقيقيون، رسموا باستمتاع شديد بل وتعاطف وحنان واضحين، كما في لوحته المعروضة حاليا بمتحف اللوفر. ولقد رسم "لوتريك" لوحاته الزيتية بالإضافة إلى إعلانات الملاهي والديكور والإعلانات المطبوعة على حجر "ليتوجراف" ولكنه أدمن الخمر حتى كادت تقضي عليه. ودخل مستشفى الأمراض العقلية في " نييلى" عام 1896م ليتخلص من تأثير الكحول الذي تشبع به جسمه. وفي فترات إقامته بهذه المصحة رسم مجموعة كبيره من التخطيطات للسيرك من الذاكرة. وقد تأثر "تولوز لوتريك"، بالرسوم اليابانية المطبوعة، فيما يتعلق بتنسيق الأشكال، واختزال الأبعاد، وتقريب بعض المناظر الهامة في اللوحة. غير أن هذا التأثير قد امتزج امتزاجاً تماماً بموهبته الشخصية في الرسم والتصميم، هذه الموهبة التي تجلت في رسومه الملونة المطبوعة على الحجر، وبذلك يعتبر من عظماء الفن في العالم، ومن أحد أعمدة المدرسة التأثيرية في الرسم. وتوفي عام 1901م بعد أن أصابته نوبة عصبية وهو في السابعة والثلاثين من عمره.
عنوان الكتاب


عظماء عاشوا بالأمل
هنري دي تولوز لوتريك
الأشخاص ذوو الإعاقات الجسدية أو العقلية أو العاطفي
الرسامون - تراجم
الإعاقة الحركية
ذوي الإحتياجات الخاصة