مقطع توظف الكاتبة في هذه القصة مجموعة من الأحداث والشخصيات لتقدم معلومات عن نبي الله (هود) -عليه السلام-؛ فتذكر أن فاطمة وإخوتها كانوا ينتظرون الجدة حتى تنتهي من صلاتها لكي يستمعوا لحكايتها، لكن الجدة أطالت وقت الصلاة، وكذلك أم جعفر وأبو جعفر. وعندما انتهت أم جعفر من صلاتها سألها أولادها بلهفة: لماذا أطلت في صلاتك؟ قالت الأم: إن الكسوف آية من آيات الله حولنا يا ابنتي، وهو دليل على قدرة الله وعظمته. فقامت فاطمة لتتوضأ وتتعلم الصلاة من أمها. وسألت جدتها عن المظاهر الطبيعية المخيفة، فقالت الجدة: الريح الحمراء، أو الصفراء، أو السوداء، وقد ورد ذكرها في سورة الحاقة. فسأل جعفر جدته: من هم عاد الذين أهلكهم الله بالريح؟ فأجابت: هم قوم هود، وقد منّ الله عليهم بأجساد قوية وكبيرة؛ إذ كان الأطول ستة وستين متراً والأقصر ستة وأربعين متراً، إلا أنهم راحوا يعبدون الأصنام وتماثيل صنعوها من الحجارة، وعندما رآهم سيدنا هود حزن لحالهم، وأخذ ينصحهم ويقول لهم: إن لهذا الكون إلها واحدا، فاعبدوه. ولكنهم سخروا منه واستهزأوا به. حزن هود كثيرا، ولكنه لم يفقد الأمل، فقد كان قومه يعملون بالزراعة، ويعتمدون على المطر في ذلك، وكان لهود بستان مثل قومه يعمل به. لكن الله بعد أن أرسل لهم نبيه، وصبر عليهم دون جدوى منع عنهم المطر، وعلى الرغم من ذلك لم يهتدوا، فرأى هود - عليه السلام - أن هذه فرصة لإقناعهم بالإيمان لما يعانونه من جفاف. وفي يوم جاءت جماعة ليكلموا هوداً في بستانه، فقابلتهم امرأة شمطاء فأخبروها عن الجفاف وأنهم جاءوا إلى هود -عليه السلام - ليسألوه أن يدعو الله لهم، فقالت المرأة لو استجيب لهود لدعا لنفسه، ولكنهم ذهبوا إليه وطلبوا منه الدعاء، فدعا لهم، وصلى، وبشرهم بالمطر. فقالوا له: لقد رأينا في بيتك امرأة شمطاء! فقال: إنها امرأتي، أنا أدعو لها بطول عمرها. فقالوا: كيف؟ فأجاب: إن لكل مخلوق عدواً، فأن يكون لي عدواً أملكه خير من عدو يملكني. وبعد ذلك استمر النبي في هدايتهم فيقول لهم: استغفروا ربكم وتوبوا ينزل عليكم المطر. فقالوا له: ما جئتنا ببرهان على قولك، فغضب الله عليهم وأرسل عليهم ريحاً صرصراً، وهي الريح الباردة، خرجت من تحت الأرضين السبع وكانت قوية فأهلكتهم فأوحى الله إلى خزنة الريح أن يخرجوا منها مثل سعة الخاتم، وبذلك لم تهلك سوى القوم الكافرين. فعندما رأى قوم عاد الريح هللوا واستبشروا وظنوا أنها المطر، ولكنها العذاب، فقد جعلت القوم كأنهم أعجاز نخل خاوية، وأزال الله كل نعمهم في سبع ليال وثمانية أيام. قالت فاطمة: هل هذه الريح العقيم؟ فقالت الجدة: نعم، وسميت بذلك لأنها خلت من الرحمة. صاح جعفر: الحمد لله أن بعث لنا النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كي يهدينا. ثم أكملت الجدة حكايتها: إن قوم هود يطلق عليهم عاد الثانية، أما الأولى فقد هلكوا قبل هؤلاء؛ إذ كان لعاد ابنان (شديد وشداد). وبعد وفاة عاد ملك ابناه البلاد، ثم مات شديد، وبقي شداد، الذي كان كلما سمع أو قرأ عن الجنة رغب أن يكون مثلها في الدنيا؛ وذلك استكبار على الله. وقرر أن يبني جنة في الأرض فلم يبقِ ذهباً ولا فضة إلا أحضرها، وبنى القصور وشق الأنهار، وفعل كل ما سمع عنه في الجنة. وبعد أن أتم كل شيء توجه مع أهله وجنوده إلى تلك الجنة، ولما اقترب منها بعث الله عليه ومن معه صيحة من السماء، فأهلكهم قبل دخولها، وكانت هذه المدينة إرم ذات العماد. قال جعفر: إن الله يكره المتكبرين كثيرا. قالت الجدة: نعم؛ فالتكبر من صفات الشيطان
عنوان الكتاب
أمل طنانه
سعيد عبد الساتر


قصص الأنبياء
قصص القرآن
الأنبياء والرسل
نبي الله هود
المعجزات
القصص الدينية